فور انتهاء صلاة الجمعة، فجر 14 رمضان 1443 هجريا، الموافق 15 أبريل/نيسان 2022، باغتت قوات إسرائيلية المصلين في المبنى القبلي المسقوف من المسجد الأقصى بوابل من الرصاص والقنابل الغازية والصوتية.
استمر الهجوم عدة ساعات وانتهى باعتقال وإصابة أكثر من 500 مصل، في مشهد يعيد للأذهان التوتر الذي شهده المسجد خلال شهر رمضان السابق، والذي تدحرج إلى مواجهة عسكرية في قطاع غزة، بدأت في 28 رمضان 1442، الموافق العاشر من مايو/أيار 2021، واستمرت 10 أيام.
في عودة سريعة إلى الماضي القريب والبعيد، فإن فلسطين عاشت أحداثا كبرى وهامة في هذا الشهر الكريم، نعرض في ما يلي أبرزها، ونبدأ بالأحداث الكبرى ثم العمليات التي نفذها شخص أو مجموعة أشخاص.
معركة عين جالوت
ـ 26 رمضان 658 ـ 4 سبتمبر/أيلول 1260: وقعت المعركة في منطقة عين جالوت، نسبة لاسم قرية بين مدينتي بيسان ونابلس، شمالي فلسطين، وقادها سلطان مصر المملوكي سيف الدين قُطز، وفيها تم القضاء على خطر المغول الذي استمر 40 عاما، وأوغل دمارا في العراق بعد إسقاط الخلافة العباسية، وحاول السيطرة على مصر والعالم الإسلامي.
معركة حِطّين
ـ 26 رمضان 583 – 5 ديسمبر/كانون الأول 1187: حطين اسم منطقة في الشمال الفلسطيني بين طبريا والناصرة، وفيها اشتبك المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي، مع الصليبيين، وانتهت المعركة بانتصار المسلمين وانتهاء الاحتلال الصليبي في القدس بعد 88 عاما من الفساد، وقتل معظم سكانها، وتحويل أجزاء من المسجد الأقصى إلى كنيس وإسطبل للخيول.
مجزرة اللد
ـ 5 رمضان 1367 -11 يوليو/تموز 1948: ارتكبت القوات الإسرائيلية المجزرة في المدينة الواقعة وسط فلسطين التاريخية، وذلك لإخماد ثورة السكان بعد النكبة التي حلت بهم وإقامة إسرائيل على أنقاض قراهم ومدنهم بعد تهجيرها في مايو/أيار من العام نفسه.
ـ نفذ المجزرة وحدة إسرائيلية بقيادة موشيه ديان، تحت وابل من القذائف المدفعية والنيران، بعد انسحاب قوات عربية من المدينة، ولم يشفع للسكان اللجوء لأحد المساجد، فقُتل 176 منهم داخله.
حرب أكتوبر
ـ 10 رمضان 1393 – أكتوبر/تشرين الأول 1973: وقعت حرب العاشر من رمضان أو حرب 6 أكتوبر/تشرين الأول، حسب التسمية العربية، أو “حرب يوم كيبور” أو “عيد الغفران”، وفق التسمية الإسرائيلية، عندما قامت قوات مصرية وسورية بشن هجوم مشترك مفاجئ ضد القوات الإسرائيلية في سيناء والجولان.
ـ تمكنت القوات المصرية من اجتياز قناة السويس، وتجاوز خط “بارليف” وهو عبارة عن تحصينات أقامتها إسرائيل بعد احتلالها سيناء عام 1967.
ـ توقف إطلاق النار يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول، ثم بدأت مفاوضات لفض الاشتباك، الذي بدأ فعليا مطلع عام 1974.
مواجهات بالأقصى
ـ 1 رمضان 1409 – 7 أبريل/نيسان 1989: انطلق المصلون بعد صلاة الجمعة في مسيرة داخل ساحات المسجد الأقصى، ورددوا هتافات تؤكد هوية المسجد وإسلاميته، وأحرقوا العلم الإسرائيلي، فبادرتهم القوات الإسرائيلية بوابل من الرصاص والقنابل الغازية فأصيب 9 من المصلين واعتقل 40، ومنع سكان الضفة الغربية من الصلاة في المسجد في أيام الجمعة المتبقية من الشهر.
ـ 10 أبريل/نيسان 1989: قتَل مستوطن إسرائيلي شابا فلسطينيا بالقدس، في حين نفذ عضو الكنيست الإسرائيلي غيئولى كوهين ورئيس بلدية القدس تيدي كوليك اقتحاما استفزازيا للمسجد يوم 11 من الشهر نفسه.
ـ رمضان 1413 ـ فبراير/شباط 1993: نصبت مجموعة الشهيد عماد عقل مع رفيقيه الأسيرين المحررين محمد دخان ورائد الحلاق كمينا لدوريتين إسرائيليتين قرب مقبرة الشهداء شرق مخيم جباليا للاجئين شمال قطع غزة، فقتلوا 3 جنود وأصابوا 4 آخرين.
مجزرة المسجد الإبراهيمي
ـ 15 رمضان 1415 – 25 فبراير/شباط 1994: في الركعة الثانية من فجر الجمعة 15 رمضان، نفذ المستوطن الإسرائيلي باروخ غولدشتاين مجزرة بحق المصلين في المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل، فاستشهد 29 منهم، وأصيب العشرات، وقتل المنفذ، ثم اندلعت في الضفة الغربية وقطاع غزة.
“أيام الغضب”
ـ 2 رمضان 1425 – 16 أكتوبر/تشرين الأول 2004: نهاية معركة “أيام الغضب” -حسب التسمية الفلسطينية- مع قوات الاحتلال التي شنت عملية عسكرية بريّة شمالي قطاع غزة في الفترة ما بين 29 سبتمبر/أيلول (15 شعبان) وحتى 16 أكتوبر/تشرين الأول (2 رمضان) وانسحبت من دون تحقيق هدف وقف إطلاق القذائف على المستوطنات.
عمليات متفرقة
في ما يلي أبرز العمليات التي نفذها شخص أو مجموعة أشخاص منذ عام 2001:
ـ 16 رمضان 1422 ـ 1 ديسمبر/كانون الأول 2001: نفذ الفلسطينيان أسامة محمد عيد بحر ونبيل محمود جميل حلبية عمليتي تفجير في القدس، مما أسفر عن مقتل 11 إسرائيليا وإصابة 190 آخرين.
ـ 17 رمضان 1422 ـ 2 ديسمبر/كانون الأول 2001: فجر الفلسطيني ماهر حبيشة، من مدينة نابلس، نفسه في حافلة إسرائيلية بمدينة حيفا فقتل 16 إسرائيليا على الأقل وجرح 55 آخرين.
ـ 10 رمضان 1423 – 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2002: 3 فلسطينيين ينتمون إلى سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي -أكرم الهنيني وذياب المحتسب وولاء سرور- ينفذون عملية مشتركة في مدينة الخليل أدت إلى مقتل 12 ضابطا وجنديا.
ـ 16 رمضان 1423 – 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2002: الفلسطيني نائل أبو هليل (23 عاما) يفجر نفسه في حافلة إسرائيلية بالقدس، ويقتل 12 إسرائيليا ويصيب 47 آخرين، وكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس تعلن مسؤوليتها عن العملية.
ـ 4 رمضان 1425 ـ 18 أكتوبر/تشرين الأول 2004: الاستشهاديان عبد العزيز الجزار وعبد الستار الجعفري ينفذان عملية عند معبر صوفا جنوبي غزة، أصابت 6 من جنود الاحتلال بجراح متفاوتة.
ـ 21 رمضان 1431- 31 أغسطس/آب 2010: مقتل 4 مستوطنين، في عملية إطلاق نار تجاه مركبتهم على مدخل مستوطنة “كريات أربع”، شرقي مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية.
ـ رمضان 1436 ـ يونيو/حزيران 2015: وقعت عملية إطلاق نار قرب مستوطنة “دوليف” بمحيط رام الله على سيارة للمستوطنين من مسافة صفر، فقتل مستوطن وأصيب آخر، وفي رمضان من العام ذاته نفذ فلسطيني من الخليل عملية طعن قرب باب العامود بالقدس المحتلة استهدفت شرطيين إسرائيليين.
عملية ثلاثية
ـ 13 رمضان 1437 – 8 يونيو/حزيران 2016: نفذت المقاومة 10 عمليات فدائية تنوعت بين إطلاق النار والطعن، فقتلت 6 إسرائيليين وجرحت 15 آخرين، أخطرها حين دخل محمد وخليل مخامرة -وهما ابنا عم من بلدة يطا بالضفة الغربية- إلى مجمع “سارونا” التجاري قرب مقر وزارة الحرب بتل أبيب، وأطلقا النار على المستوطنين، فقتلا 4 وأصابا 40.
ـ 21 رمضان 1438 – 16 يونيو/حزيران 2017: نفذ 3 فلسطينيين من رام الله، وهم عادل عنكوش وأسامة عطاء وبراء صالح، هجوما جماعيا بإطلاق النار والطعن بالسكاكين في القدس ضد جنود الاحتلال، مما أسفر عن مقتل مجندة وإصابة آخرين.
ـ 26 رمضان 1438- 21 يونيو/حزيران 2017: مقتل 3 مستوطنين من سكان مستوطنة حلميش، وسط الضفة الغربية، في عملية طعن نفذها الشاب الفلسطيني، عمر العبد، من بلدة كوبر شمالي رام الله.
ـ هاجم 3 فلسطينيين من عائلة جبارين -والثلاثة أسماؤهم محمد من مدينة أم الفحم داخل فلسطين المحتلة- قوات الأمن الإسرائيلية في المسجد الأقصى، فقتلوا إسرائيليين اثنين، واستشهد الثلاثة.
رعد حازم
ـ 6 رمضان 1443 ـ 7 أبريل/نيسان 2022: خرج الشاب رعد حازم (29 عاما) من منزله بمخيم جنين (شمال الضفة الغربية) حتى وصل إلى شارع ديزنغوف، المسمى على اسم مؤسس تل أبيب مائير ديزنغوف، والموسوم تاريخيا بأشهر العمليات الفدائية التي قتل فيها ما لا يقل عن 40 إسرائيليا.
ـ فتح حازم نيران سلاحه على الموجودين في الشارع ليترك خلفه 5 من القتلى و6 جرحى.
ـ بهدوء تام، انسحب رعد وجلس على كرسي قبل أن يختفي عن الأنظار، لتبدأ قوات الاحتلال الإسرائيلي البحث عن منفذ العملية التي وقعت في أحد أكثر الشوارع حساسية وأهمية في إسرائيل.
ـ بينما كانت تل أبيب -التي يطلق عليها سكانها المدينة التي لا تنام- تغلق حاناتها ومطاعهما ومراقصها بعد العملية، تنفيذا لتعليمات الأمن وتحسبا لظهور المسلح الشبح مرة أخرى، كان رعد حازم يتخطى كافة الإجراءات الأمنية متجها إلى مدينة يافا.
ـ 8 ساعات استغرقت علمية البحث عن المسلح الشبح، بحثت خلالها قوات الاحتلال في أزقة تل أبيب، وحتى لحظة استشهاده في مدينة يافا قرابة السادسة من فجر السابع من رمضان الذي صادف الجمعة الأولى من الشهر الكريم، والموافق الثامن من أبريل/نيسان 2022.